رشدي بلڨاسمي يجعل من الرقص قضية

رشدي بلڨاسمي يجعل من الرقص قضية
في البداية لا بد من ذكر ما قاله رشدي بلڨاسمي في إحدى الحوارات التي عقبت الحملة التي شنها البعض منذ ثلاثة سنوات حوله وحول طريقته في ممارسة الرقص حيث قال:  » الفن موش عيب وموش حرام.. وإذا نبطل الرقص تنتهي عندي الحياة »… فمسألة الرقص والتخصص فيه هي مسألة فكرية وموقف اتخذه رشدي بلڨاسمي بعد دراسة وبحث أكاديمي قام به وكنت أحد الشاهدين عن ذلك في 2015 و2016 لما كنت أشرف على ادارة فضاء الحمراء بتكليف من سيرين ڨنون نجلة رفيق الدرب الراحل عزالدين ڨنون.. حيث عاينت عن قرب كيف يحضر لعروضه وكم الكتب التي يقرأها لمعرفة الشخصية وتاريخها والوسط الذي عاشت فيه وكان يعود للتسجيلات الإذاعية والتلفزية لرموز الرقص في تونس وكان يستعين أيضا في تمارينه براقصات قدامى أمثال خيرة لابلوند.
ونشهد هذه الأيام حملة جديدة واكثر شراسة إنطلقت على أثر قرار ادارة دار الثقافة بمساكن إلغاء ورشة الرقص التي كان سينشطها ابن الجهة رشدي بلڨاسمي في إطار ايام علي مصباح المسرحية يومي 18 و19 ماي الحالي.
وكشف رشدي بلڨاسمي على حائطه الفايسبوكي اسباب تأجيل الورشة التي كان سيؤمن تقديمها في إطار أيام علي مصباح في دار الثقافة بمساكن من ولاية سوسة ، بسبب التهديدات التي مارستها بعض القوى المتشددة حيث قال « وقع الإتصال بي منذ مدة من طرف ادارة دار الثقافة بمساكن لتأمين ورشة تحمل عنوان :  » الجسد والإيقاع في المسرح  » في إطار أيام علي مصباح بدار الثقافة بمساكن وهذه الورشة تحمل اسم مادة كنت أدرسها بالمعهد العالي للفن المسرحي بتونس سابقا…ووقع نشر معلقة بها صورتي واسم الورشة بالصفحة الرسمية لدار الثقافة مساكن ومنذ تلك اللحظة والتعليقات الغاضبة والرافضة تنزل كالمطر ؛ كلها حقد وكره وعنصرية وشتم وسب وتهديد وتهكم وتوعد من صفحات خوانجية قديما بدلت فقط الفيستة ولكن العقلية هي هي! والقطيع الي يتبع ويسب فقط لانه محتاج يخرج طاقتو السلبية في حاجة ! وأشخاص عمرها لا حطت ساقها في دار الثقافة ولا تابعت أنشطتها و نهار الي قررت تعفسها باش تكون في شكل مظاهرة للتعرض لشخصي وطردي منها غيرة على دار الثقافة الي انا ولدها…
وأذكر ان مثل هذه الممارسة عشناها في منتصف السنوات الثمانين في حصص نادي السينما الذي كان ينشط بدار الثقافة مساكن وكان يرؤسه المسرحي الراحل علي مصباح في عهد ادارة دار الثقافة من طرف سي البريري… وكان نفس هذا التيار المتشدد من يقف وراء حشد الاهالي لمنع نادي السينما من النشاط.
وأكد رشدي بلڨاسمي في منشوره انه اتفق مع القائمين على دار الثقافة على التأجيل، لاسباب عديدة ، مؤكدا انه خير الصمت من أجل عدم التشويش على هذه التظاهرة الثقافية خاصة وأنها تحمل إسم أستاذه المسرحي الراحل علي مصباح فضلا عن أنه إبن منطقة مساكن…
وأضاف رشدي بلڨاسمي في تدوينته : »قبلت وفضلت الصمت، لأني أولا إبن دار الثقافة بمساكن الي تعلمت فيها الرقص والمسرح قبل ما نغادر لتونس العاصمة وثانيا لأنني تلميذ علي مصباح وما حبيتش نشوش على مهرجان يحمل اسم أستاذي خاصة وأن الدورة جارية، وثالثا وهو الأهم اني ولد مساكن أيضا، ولو كره الكارهون، المدينة إلي ولدت فيها ترببت فيها وقريت فيها وذكريات طفولتي وعايلتي الكل فيها وأكّن لهذه المدينة محبة خاصة، ومع ذلك، قوبلت بالرفض الشديد في مدينتي، وأعلم أن هذا غير جديد وهو متوقع لأن ما أقدمه لا يتوافق والصورة النمطية للرجل (اترك هذه النقطة للتاريخ) ! أنا مصمم على تقديم هذه الورشة مهما كان الثمن، لأن المسالة اصبحت وجودية بالنسبة لي، خاصة مع تدخل الشعبوية في الشأن الثقافي وفرضها لأشكال ثقافية تناسبها واقصاءها لاخرى.
ومن الاخر، إذا فما شكون ما يحبش رشدي بلڨاسمي ما يستدعاشي لداروا، اما دار الثقافة الي عديت فيها سنوات عديدة من النشاط، راهي دار الجميع ومن حقي نرجعلها وننشط فيها وقت ما نحب! »
ولقي رشدي بلڨاسمي تعاطفا كبيرا ومساندة واسعة من عديد الفنانين والمبدعين وتذكرنا هذه الحملة بالحملات التي قادها أنصار النهضة ومشتقاتها ضد الفنانين منذ 2011 مثل الأعتداء على قاعة سينما افريكا والهجوم على المسرحيبن أمام المسرح البلدي والاعتداء على يوسف الصديق واولاد أحمد وغيرهم .
وهنا أذكر موقف الفنان التشكيلي الاستاذ الناصر بالشيخ الذي كتب : »أعبّر عن تضامني الأكيد مع موقف صديقي الفنان رشدي بلڤاسمي الذي يتعرّض لهاته الحملة التي تمسّ من سمعة مساكن التي تربطني بها علاقة صداقة تعود لفترة الستينات وذلك لمدّة ستين سنة بالمرحوم محمد الهادي ولد عبد السلام كريفة الحداد ورشته بالمدينة العتيقة. وقد وهب نفسه طوال حياته كمربي ومناضل في صف الحزب الشيوعي التونسي لإرساء ثقافة تقدّمية مفتوحة على التجديد والإبداع . ولعلّ مساكن ما زالت تعاني من تأثير بقايا التيارات الرجعية المتخلفة.
أما الدكتورة ٱمنة الرميلي فقد عبرت عن مساندتها لرشدي بلڨاسمي في محنته هذه
قائلة: »كل الدعم والمساندة. يسقط التعصب والأذى والانغلاق! الإعلاميين في الحبس والفنانين يشدّوا ديارهم…هذي بلاد هايلة بالحق.. »
كما عبرت الرسامة والباحثة أكابر شلبي عن مساندتها بتدوينة طريفة على حائطها الفايسبوكي جاء فيها: »الرقص يجري في دمنا في عروقنا منذ الأزل … اول ماينزاد لينا ملود نرقصو وفي طهورو نرقصو وفي شهادة السيزيام نرقصو وفي البكالوريا نرقصو ووقت يتزوج والا يخطب حد من العائلة نرقصو وقت الصابة نرقصو وقت الجز نرقصو ونغنو …علاش توا هالتخلف منين جانا وشكون كان السبب في هالتزمت المميت لينا ولتقاليدنا وعاداتنا ….الطامة الكبرى وقت تكون دار ثقافة وما أدراك ما الثقافة وقتها ياخيبة المسعى….معادش نحكو على الشارع وعلى الاسر وعلى الوهابية المقيتة……رشدي بلڨاسمي فنان ومثقف وجامعي واكاديمي متكون ومختص في الرقص المعاصر والرقص التونسي الاصيل وتقريبا هو المرجع المعاصر الوحيد حاليا الذي يمكن اعتماده كمرجعية وماننساش اللغبابي في زمانه وزينة وعزيزة وزهرة لمبوبة واه ياتونس العزيزة رانا توجعنا وربي يجريها عالصلاح  »
يذكر في الختام ان رشدي بلڨاسمي متحصل على ماجستير بحث في الفنون التشكيلية من المعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة وهو في طور انجاز الدكتوراه بنفس المعهد بتأطير من الدكتوره ألفة يوسف.
اختير من طرف منظمة اليونسكو كسفير للرقص التونسي سنة 2014.
درس الرقص بين تونس وفرنسا، بالتوازي مع تكوينه الاكاديمي المسرحي بالمعهد العالي للفنون الدرامية.
اشتغل مهمة استاذ رقص في العديد من المعاهد العليا كالمعهد العالي للفن المسرحي لمدة 5 سنوات، ثم استقال ليتفرغ للإبداع والخلق.
قدم العديد من الأعمال الكوريغرافية ك »الزوفري » و »واذا عصيتم » و »ولد الجلابة » و »عروس وسلات » و »لمبوبات » و »الكبانية » وغيرهم، كما تعامل مع اكبر الموسيقيين والمسرحييين مثل الاسعد بن عبد الله في « المنسية » و »الزڨلامة » ، سمير العقربي في « حبوبة يرقص ويغني » ، شادي الڨرفي في « فن تونس » ، حاتم دربال في » الصباح الجديد » ، حافظ خليفة في « طواسين » .
تحصل على العديد من الجوائز من بينها الجائزة الثالثة في مهرجان المونولوج 2005، جائزة أفضل كوريغرافيا من مهرجان الكاميرون للرقص المعاصر 2013، جائزة منظمة Action Zoo Humain سنة 2015، جائزة مؤسسة رامبورغ للفن و الثقافة 2016، جائزة الجمهور في مهرجان تونس عاصمة للرقص 2016.

الثلاثاء تجدون اليوم 28 ماي 2024 – منير الفالح
https://acharaa.com/…/2024/05/maghreb-street-n408.pdf

Tunisie

Dates

  • + 28-05-2024